@MAlkodah
الإذْنُ مِن الله تَعَالى لِلمُتقين بِدُخُولِ الجنَّةِ بِسَلامٍ : ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ۖ ذَٰلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ
• الآيات القرآنية
قال الله تعالى : ﴿ وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31) هَٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (32) مَّنْ خَشِيَ الرَّحْمَٰنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ (33) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ۖ ذَٰلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (34) لَهُم مَّا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (35)﴾ سورة ق: الآيات 31 - 35
• معاني الآيات القرآنية
وَأُزْلِفَتِ : قُرِّبَتْ
غَيْرَ بَعِيدٍ : أي مكانا غير بعيد منهم بحيث يرونها
أَوَّابٍ : رَجَّاعٍ إِلَى اللهِ بِالتَّوْبَةِ
حَفِيظٍ : حَافِظٍ لِكُلِّ مَا يُقَرِّبُهُ مِنْ رَبِّهِ مِنَ الطَّاعَاتِ
خَشِيَ : خاف
بِالْغَيْبِ : بالسِّر
مُّنِيبٍ : تَائِبٍ، مُقْبِلٍ عَلَى الطَّاعَةِ
بِسَلَامٍ : دُخُولاً مَقْرُونًا بِالسَّلاَمَةِ مِنَ الآفَاتِ
وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ : عِنْدَنَا زِيَادَةُ نَعِيمٍ، وَأَعْظَمُهُ: النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ اللهِ الكَـرِيـمِ
• التفسير الإجمالي للآيات الكريمة
أُدْنِيَتْ وَقُرِّبَتْ الجنَّة لِلَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهم فَخافُوا عُقُوبَتَهُ بِأداءِ فَرائِضِهِ واجْتِنابِ مَعاصِيهِ
فشاهدوا ما فيها من النعيم في مَكانٍ غَيْرَ بَعِيدٍ ، وهذا الثَّوابُ أوِ الإزْلافُ للجنَّة سببه ما وقَعَ الوَعْدُ لَكم بِهِ في الدُّنْيا ، أن تدخلوا الجنة وتسكنوها وهذا لكل رَجَّاعٌ تَائِبٌ مُقْلِعٌ عن معصية الله إلى طاعته، يَحْفَظُ الْعَهْدَ فَلَا يَنْقُضُهُ وَ يَنْكُثُهُ ، ومن خشي اللَّهَ في الدنيَّا فِي سِرِّهِ حَيْثُ لَا يَرَاهُ أَحَدٌ إِلَّا اللَّهُ ، وجاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ تائِبٍ مِن ذُنُوبِهِ، ويأذن الله تعالى للمتقين بدخول الْجَنَّةَ بأمانٍ مِنَ الهَمِّ والحُزْنِ والخَوْفِ، وهُوَ يوم الإقامَةِ الَّتِي لا آخِرَ لَها بلا موت ، ولهؤلاء المؤمنين في الجنة مَهْمَا اخْتَارُوا وَجَدُوا من كل ما تَشْتَهِيهِ نُفُوسُهم وتَلَذُّهُ أعْيُنُهُمْ في الجَنَّةِ ، وأنَّ الله تعالى يَزِيدُهُمُ مِنْ عِنْدِهِ مَا لَمْ يَسْأَلُوهُ مِنَ النِّعَمِ مِمَّا لَمْ يَخْطِرْ عَلَى بَالِهِمْ ولا يَنْدَرِجُ تَحْتَ مَشِيئَتِهِمْ وهُوَ النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ اللَّهِ الْكَرِيمِ .
• مجريات الحوار في هذه الآيات القرآنية
قال الله تعالى في بَيانِ حالِ المُؤْمِنِينَ بَعْدَ النَّفْخِ ومَجِيءِ النُّفُوسِ إلى مَوْقِفِ الحِسابِ : ﴿ وَأُزْلِفَتِ﴾ : أُدْنِيَتْ وَقُرِّبَتْ ﴿ الْجَنَّةُ ﴾ بِأيْسَرِ أمْرٍ مَعَ الدَّرَجاتِ والحِياضِ المُمْتَلِئَةِ
﴿ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ : لِلَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهم فَخافُوا عُقُوبَتَهُ بِأداءِ فَرائِضِهِ واجْتِنابِ مَعاصِيهِ
﴿ غَيْرَ بَعِيدٍ ﴾ في مَكانٍ غَيْرَ بَعِيدٍ حَيْثُ يُشاهِدُونَها فيراها أهل الموقف وهو تَأْكِيدٌ لِـ ﴿أُزْلِفَتْ﴾ أيْ: إزْلافًا لا يَصِحُّ وصْفُهُ بِبُعْدٍ
وقوله تعالى : ﴿ هذا ﴾ : أيِ: الثَّوابُ أوِ الإزْلافُ سببه
﴿ مَا تُوعَدُونَ ﴾ : ما وقَعَ الوَعْدُ لَكم بِهِ في الدُّنْيا أيُّها المُتَّقُونَ في إشارَةٌ إلى الجَنَّةِ ، أن تدخلوها وتسكنوها
وقوله تعالى : ﴿ هذا مَا تُوعَدُونَ ﴾
يحتمل أن يكون معناه قال لهم في الآخرة عند إزلاف الجنة: هذا الذي كنتم توعدون به في الدنيا ، ويحتمل أنْ يكون خطاباً لِلأُمَّةِ في الدنيا أي: ﴿ لِكُلِّ أَوَّابٍ ﴾ : رَجَّاعٌ تَائِبٌ مُقْلِعٌ عن معصية الله إلى طاعته، تائب من ذنوبه
﴿ حَفِيظٍ ﴾ : يَحْفَظُ الْعَهْدَ فَلَا يَنْقُضُهُ وَ يَنْكُثُهُ
وحفيظ لكلّ ما قرّبه إلى ربه من الفرائض والطاعات والذنوب التي سلَفت منه للتوبة منها والاستغفار
﴿ مَّنْ خَشِيَ﴾ : والخَشْيَةُ ألْطَفُ مِنَ الخَوْفِ؛ فَكَأنَّها قَرِيبَةٌ مِنَ الهَيْبَةِ
﴿ الرَّحْمَٰنَ ﴾ : اللَّهَ في الدنيَّا ؛ لِأنَّهُ إذا خافَ مَعَ اسْتِحْضارِ الرَّحْمَةِ العامَّةِ لِلْمُطِيعِ والعاصِي كانَ خَوْفُهُ مَعَ اسْتِحْضارِ غَيْرِها أوْلى ، وقد تكون لِلْإشارَةِ إلى أنَّها خَشْيَةٌ تَكُونُ مَقْرُونَةً بِالأُنْسِ يَعْنِي الرَّجاءَ
﴿ بِالْغَيْبِ ﴾ : مَنْ خَافَ فِي سِرِّهِ حَيْثُ لَا يَرَاهُ أَحَدٌ إِلَّا اللَّهُ
وقال الله تعالى بصفة الإفراد: ﴿ وَجَاءَ﴾ بَعْدَ المَوْتِ
وَحَضَرَ يَوْمَ الحَشْرِ ﴿ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ ﴾ : جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ تائِبٍ مِن ذُنُوبِهِ، راجِعٍ مِمّا يَكْرَهُهُ تَعالى إلى ما يُرْضِيهِ ، مُخْلِصٍ مُقْبِلٍ إِلَى طَاعَةَ اللَّهِ وأضَاف الله التوبة إِلَى الْقلب؛ لِأَن الْأَكْثَر من أَعمال الْإِيمَان يعمله الْمُؤمن بِقَلْبِه
ولما كان لِأَهْلِ هَذِهِ الصِّفَاتِ عَلى ما تَقَدَّمَ ومِن كَمالِ إكْرامِ الضَّيْفِ ؛ فيأذن لهم الله تعالى بدخولها : ﴿ ادْخُلُوهَا﴾ بِضَمِيرِ الجَمِيعِ بَيانًا : أَيِ: الْجَنَّةَ
وسيتم استقبالهم عند دخولهم الجنة ﴿ بِسَلَامٍ ﴾ : بأمانٍ مِنَ الهَمِّ والحُزْنِ والخَوْفِ، وما كنتم تَلقَونه في الدنيا من المكاره
وقوله تعالى : ﴿ ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ﴾ أن يكون مُسَلَّمًا عَلَيْكم مِنَ اللَّهِ ومَلائِكَتِهِ
ويقول الله تعالى للمتقين ﴿ ذَٰلِكَ﴾ : إشارَةٌ إلى الزَّمانِ ( اليَوْمُ العَظِيمُ جِدًّا ) المُمْتَدِّ الَّذِي وقَعَ في بَعْضٍ مِنهُ ما ذُكِرَ مِنَ الأُمُورِ ، واسْمُ الإشارَةِ ﴿ ذَٰلِكَ﴾ لِلْبَعِيدِ لِلتَّعْظِيمِ
﴿ يَوْمُ الْخُلُودِ ﴾ : هُوَ الإقامَةِ الَّتِي لا آخِرَ لَها فِي الْجنَّة وَالنَّار بلا موت ، وهذا اليوم لا انْتِهاءَ لَهُ أبَدًا
قال الله تعالى أَنَّهُمْ يَسْأَلُونَه حَتَّى تَنْتَهِيَ مَسْأَلَتُهُمْ : ﴿ لَهُم مَّا يَشَاءُونَ ﴾ : مَهْمَا اخْتَارُوا وَجَدُوا من كل ما تَشْتَهِيهِ نُفُوسُهم وتَلَذُّهُ أعْيُنُهُمْ
﴿ فِيهَا ﴾ : أيِ: الجَنَّةِ
وقال الله تعالى أنه يَزِيدُهُمُ مِنْ عِنْدِهِ مَا لَمْ يَسْأَلُوهُ ثُمَّ أبْهَمَ تَعالى الزِيادَةَ الَّتِي عِنْدَهُ لِلْمُؤْمِنِينَ المُنَعَّمِينَ: ﴿ وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ﴾ مِنَ النِّعَمِ مِمَّا لَمْ يَخْطِرْ عَلَى بَالِهِمْ ولا يَنْدَرِجُ تَحْتَ مَشِيئَتِهِمْ وهُوَ النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ اللَّهِ الْكَرِيمِ